الخميس، 16 يونيو 2011

«غالى».. كثير من الصراعات.. وقليل من التنازلات





عنيد ومراوغ.. ربما تنطبق هاتان الصفتان عليه كثيرا، فقد اعتاد ألا يستسلم لمطالب المواطنين بسهولة، بل فى كل مرة يجد المبررات التى يضعها كعوائق أمام تنفيذها، وهو فى ذلك يختلف عن زملائه من الوزراء الذين كثيرا ما يحاولون إرضاء الرأى العام كلما شعروا أن الأزمة ستحتد وأن الأمور قد تخرج عن السيطرة.

ولد الدكتور يوسف بطرس غالى فى 20 أغسطس عام 1952، وهو ابن شقيق بطرس غالى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، وتخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1974، وبعد سبع سنوات حصل على الدكتوراه من معهد ماساشوسيتس بالولايات المتحدة الأمريكية، وفى الفترة من عام 1981 إلى عام 1986 عمل خبيرا اقتصاديا فى صندوق النقد الدولى، حتى تم اختياره ليشغل منصب وزيرالدولة للتعاون الدولى ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بين عامى 93 و95 ليصبح بعد ذلك وزيرا للشؤون الاقتصادية ثم التجارة الخارجية لينتهى به الأمر وزيرا للمالية منذ 2004 وحتى الآن.

يرجع البعض الأسلوب الذى يتبعه «غالى» مع الأزمات التى يواجهها مؤخرا إلى كونه تولى منصبا دوليا يحتم بقاءه فى منصبه كوزير للمالية، حيث تم انتخابه وبالإجماع كمرشح مصر والمجموعة العربية لرئاسة اللجنة المالية و النقدية الدولية بصندوق النقد الدولى، والتى تعتبر أهم تجمع لوزراء المالية فى العالم، وتعمل على وضع الخطط المالية والنقدية التى يوصى بها صندوق النقد الدولى للتعامل مع مشاكل المدفوعات العالمية، وتوصى اللجنة بالسياسات المالية للاقتصاد العالمى التى تأخذ بها المنظمات الدولية.

ومن المعروف أن غالى اعتاد أن يصم أذنيه عن مطالب المعتصمين وهتافاتهم ما دامت لا تتفق مع سياسته وأسلوبه فى إدارة الدولة ماليا، ويغلق عينيه أمام مشاهد إضراباتهم التى لا تهز من ثقته بنفسه أو تجعله يتراجع فى قراراته على أقل تقدير، وهو ما بدا واضحا فى الأزمات التى توالت عليه فى الفترة الماضية بداية من أزمة الضرائب العقارية وأصحاب المعاشات والصحفيين وانتهاء بالصيادلة، ففى أزمة الضرائب العقارية لم يستطع أن يتماسك وألقى عليهم كلمات كانت كفيلة بأن تزيد الأزمة اشتعالا حين قال: «محدش يلوى دراعى وخليكوا فى الشارع»، وهو الأسلوب نفسه الذى اتبعه مع غيرها من الأزمات.

وفى كل مرة يرفض «غالى» التراجع عن قراراته أو أن يرضخ لأى من الطلبات فهو يرفض أن «يلوى أحد ذراعه» - على حد قوله، ولا تهدأ الأجواء حتى تصدر له أوامر عليا بإنهاء الأزمة، فيضطر إلى التراجع آسفا.

والمشهد الذى يلعب فيه «غالى» دور المراوغ دائما هو تلك اللحظة التى يعرض فيها المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، تقريره السنوى عن أداء الحكومة أمام مجلس الشعب، لتبدأ المباراة بينهما ويبدأ كل منهما فى توجيه الطلقات تجاه الآخر، وعلى الرغم من أن «الملط» يتسلح فى كل مرة بأرقام وبيانات تؤكد إهدار الحكومة المال العام، وتشير إلى تجاوزات يشيب لها الرأس، فإن هذا كله لا يهز من ثقة «غالى» بنفسه، بل يُغالى فى ردود فعله وكلماته التى يصوبها إلى غريمه تحت القبة.

 ومع كل اتهام يوجهه «الملط» إليه، يزداد حنقه وغضبه عليه ويحاول أن يتفادى تلك الطلقات ممسكا بدرع تحمل ماركة الحزب الوطنى، وهو ما أظهره مؤخرا نواب الحزب الوطنى وعلى رأسهم أحمد عز، حين قرر «الملط» بدء حلقة جديدة من مسلسل كشف الجهاز تجاوزات الحكومة، فما كان منهم حينها إلا أن اجتمعوا على قلب رجل واحد هو وزير المالية، وما كان منه حينها إلا أن رد قائلا: «إن الجهاز يبحث عن ذكر الأخطاء ويتجاهل أى شىء حلو لأن هذا لن يجد مكاناً للنشر فى الصحافة».

والمشهد الذى يتكرر سنويا أصبح يؤكد قدرة «غالى» على تفادى اتهامات الجهاز المركزى للمحاسبات الحكومة، فالأجواء تشتعل فى مثل هذه الأيام من كل عام، وبعد صراعات وخلافات تدوى أركان قبة المجلس يعود كل إلى مكانه وكأن شيئا لم يكن، على موعد بلقاء قريب يجمع الغريمين.

ليست هناك تعليقات: