السبت، 1 أكتوبر 2011

مجلس الشعب كشف فضيحة برنامج الخصخصة في مصر


أخيراً استيقطت الحكومة من غفلتها وتأكدت من أن برنامج الخصخصة فاشل وأنه تسبب في أزمات كثيرة.. جاء ذلك بعد سلسلة من الإعتصامات والاضرابات التي قام بها العمال أمام مجلس الشعب.. مطالبين سيد قراره بالتدخل لإنقاذهم حيث قام الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية وعضو مجلس الشعب بشن هجوم شديد علي الشركات وطالب بإحالة الحرامية الذين سرقوا الشركات للنائب العام وهو الأمر الذي أشعل النار في مجلس الشعب

حيث طالب الجميع بضرورة محاكمة الخصخصة وفتح الملفات المسكوت عنها في هذا الشأن وتباري النواب في ذكر مساوئ الخصخصة. في البداية أكدت جميع التقارير الخاصة ببرنامج الخصخصة بأن معدلات الفقر والبطالة والجريمة في تزايد مستمر فهناك أكثر من 750 ألف عامل تم تشريدهم ليقفوا في طابور البطالة بالإضافة إلي خسائر اقتصادية بلغت أكثر من 500 مليار جنيه وبيع مئات الشركات معظمها كان ناجحا ويحقق أرباحا كثيرة ولكن تم بيعها في غفلة من الزمن.

ولعل أسوأ ما في برنامج الخصخصة المصري هو أن كل دول العالم تضع شروطا قاسية علي رأسها ضرورة مراعاة البعد الاجتماعي لشعبها وعدم رفع الأسعار وهذا لم يحدث في مصر بدليل أن الحكومة باعت 75% من شركات الأسمنت للأجانب وكان طن الأسمنت 120 جنيها وبعد الخصخصة مباشرة وصل إلي 350 جنيها ووصل حاليا إلي 550 جنيها وذلك لأن الأجانب احتكروا هذه السلعة ولم تتخل الحكومة عن سياستها الخاطئة. هذا بجانب أن هناك عددا من الشركات تم بيعها بأقل من ثمنها منها علي سبيل المثال لا الحصر شركة المراجل البخارية التي كانت من أنجح الشركات في الشرق الأوسط تم بيعها بثمن أقل من ربع ثمن الأرض المقامة عليها وتم تشريد عمالها وحسب التقارير الاقتصادية أكدت أن 33 مليار جنيه دخلت جيوب السماسرة وذلك وفق دراسة للدكتور عبدالخالق فاروق. الطامة الكبري كشفها تقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر من الأمم المتحدة

والذي أكد أن العديد من الشركات تم بيعها بأقل من سعر الأرض المقامة عليها بأرقام الحكومة نفسها فالقيمة الدفترية للقطاع العام كانت تقدر بـ 115 مليار جنيه بأسعار إنشائها في الستينيات ولكن التقديرات الدولية للقيمة السوقية لها مع بداية عملية الخصخصة وصلت إلي 5 أضعاف أي أنها تتراوح ما بين 500 و 550 مليار جنيه ورغم ذلك فإن الأرقام التي تم بيع الشركات بها لم تتعدَ الـ 50 مليار جنيه مما يعني أنهم باعوا ثروة مصر بأقل من ربع ثمنها. والغريب أن الجهاز المركزي للمحاسبات أكد في تقريره أن إجمالي ما دخل خزينة الدولة من حصيلة البيع والخصخصة هو فقط 16.6 مليار جنيه فقط رغم أن الأرقام المعلنة هي 50 مليار جنيه وهذا معناه ضياع 23 مليار جنيه.

ولعل السبب الرئيسي في اشتعال هذه الأزمة يرجع إلي تقارير لجنة القوي العاملة والتي أكدت فيها أن الشركة المصرية لصناعة المعدات التليفونية أنشئت عام 1960 بهدف تطوير معدات الاتصال في مصر وخضعت لسلطة الدولة حتي عام 2000 وظلت تمثل داعما لميزانية الدولة حيث كانت توفر أرباحا قدرها 30 مليون جنيه وكانت نسبة التمثيل المحلي تمثل 80% من انتاجها وكان للشركة إسهام في التطوير الدائم وفي إطار الخصخصة أعلنت شركة الصناعات الهندسية عن بيع 90% من إجمالي أسهم الشركة لمستثمر رئيسي أو مجموعة من المستثمرين مع تخصيص نسبة 10% لاتحاد العاملين المساهمين بالشركة وتم بيع 80% من الشركة في أكتوبر 1999 بمبلغ 99.2 مليون جنيه سدد منها 27.3 مليون جنيه وباقي المبلغ علي 6 أقساط سنوية..

وأكد التقرير أن خصخصة الشركة بهذه الصورة وبيعها بتسهيلات لا نظير لها في السداد وبمبلغ كانت قادرة علي تحصيله من أرباحها خلال 3 سنوات ولكن البيع كان هدفه تطوير معدات الاتصال في مصر وإتاحة فرص عمل جديدة وزيادة الدخل القومي ولكن لم تحقق هذه الأهداف رغم قيام الدولة بدعم المستثمرين من خلال إعطائه عقود توريد بالأمر المباشر من الشركة المصرية للاتصالات بما يقرب من 2 مليار جنيه علي مدار 5 سنوات حقق المستثمر من ورائها أرباحا طائلة وبدلا من تدوير رأس المال لتحقيق الأهداف استغل المستثمر هذه الأموال لانشاء شركة أخري معفاه من الضرائب يقوم من خلالها بتوريد المعدات اللازمة للشركة المصرية لصناعات المعدات التليفونية بأسعار مرتفعة جدا واستطاع أن يحقق الملايين من الأرباح وقام المستثمر عن عمد بتكبيد الشركة الكثير من الخسائر وعمد إلي بيع أرضها لسداد المديونيات مما زاد أوضاع الشركة سوءا وتراكمت الديون ووصلت أحوالها إلي الحضيض وخلص التقرير إلي أن المستثمر لم يلتزم بالتعهدات التي جاءت في عقد الشراء وطالب الدولة بأن تتدخل لإنهاء معاناة العاملين وإزالة أسباب هذه المعاناة. والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيتم تحويل المستثمر للنيابة وكذلك تحويل من سهلوا بيع الشركة له إلي النيابة وهل سيتم تحويل نظيف للنيابة والتحقيق معه في هذه الفضيحة الكبري؟ أيضا قضية شركة طنطا للكتان والزيوت والتي أكد التقرير أيضا أن المشكلة امتداد لظاهرة صاحبت سياسة الخصخصة حيث تم بيع الشركة لمستثمر سعودي وهو عبدالاله الكعكي بـ 83 مليون جنيه استقرت فقط علي 50 مليون جنيه وانهار الصرح وتدهور أحوال العمال وقاموا بعمل اضراب سلمي وطالبت اللجنة بضرورة وضع ضوابط مشددة تحمي حقوق العمال من تعنت بعض المستثمرين وإعادة تشغيل الشركة وعدم إعطاء المستثمرين فرصة لتصفية الشركات أو بيع الأرض المقامة عليها. ناهيك عن عشرات الشركات التي تم بيعها بهذه الطريقة المشينة والتي أوصي البرلمان بضرورة فتح هذه الملفات ومحاكمة المتورطين فيها

حيث أكدت المصادر أن عددا كبيرا من المسئولين والوزراء متورطون في هذه القضية بداية من الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق مرورا بالدكتور نظيف وعدد كبير من الوزراء المسئولين عن هذه الفضيحة الكبري. علي الجانب الأخر أكدت المصادر أن ضغوطا كثيرة سوف يتعرض لها البرلمان خلال الأيام القليلة القادمة لغلق هذا الملف كاملا خاصة وأن قائمة المتورطين فيه كبيرة جدا.

ليست هناك تعليقات: