الخميس، 16 يونيو 2011

المستشار الملط ومانويل جوزيه

3/3/2009

الملط يكشف حكومة نظيف..الملط يكشف تجاوزات غالى..الجهاز المركزى للمحاسبات يعلن عشرين ملاحظة على أداء الحكومة. أحمد عز يهاجم الملط ويهدده: "القانون اللى إداك صلاحياتك إحنا هنعدله".

نشترى الجرائد وعناوينها الساخنة التى توضح كيف يدافع المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات عن حقوق الناس فى مواجهة حكومة تحتضن رجال أعمال لا يهمهم سوى أن يكسبوا ولو خسرت الأغلبية الساحقة، أن يحتكروا القوت، حتى لو جاع الناس.. يتاجرون بالدواء حتى لو مات الفقراء من المرض.

يشترى الناس الجرائد التى أصبحت تنتظر مواجهات الملط تحت قبة مجلس الشعب، باعتبارها مناسبة استثنائية من الإثارة تتيح العناوين الساخنة والصفحات الملونة والصور التعبيرية. وتدريجيا تحول المستشار جودت الملط من رئيس لواحد من أهم الأجهزة الرقابية التى تتابع الأداء الحكومى وتوجهه، إلى نجم شباك، إلى مصارع فى مواجهة الحكومة، بينما اكتفينا نحن بالفرجة والهتاف لبطلنا الذى يمثل الناس الناقمة على الحكومة، إذا هاجمها صفقنا وانتشينا وصحنا فرحا، وإذا ذكر إيجابيات فى سياساتها وأدائها شعرنا بالخيبة وتشككنا فى بطلنا: هل نجحت الحكومة الشريرة فى اجتذابه؟ هل اهتز الرجل أمام نقد الكبار له فأخذ فى مهادنتهم؟ وكأننا أمام متفرجى النادى الأهلى وقد تلقى هزيمة مفاجئة فأخذوا يتشككون فى قدرات مانويل جوزيه.

ياسادة المستشار الملط ليس مانويل جوزيه، وليس فى مباراة مصارعة مع الحكومة، ولا يصح أن نحول العلاقة بين الحكومة وجهاز المحاسبات إلى هذه العلاقة الكاريكاتورية المهينة للاثنين، حتى لو كنا من أشد المعارضين المختلفين مع سياسة الحكومة، لأننا بذلك نسخر من أنفسنا ومن تقصيرنا ومن عدم فهمنا لدور الموظف العام ولدور جهاز المحاسبات ورئيسه.

الجهاز المركزى للمحاسبات له دور محدد فى الرقابة على الأداء الحكومى، وقد انتقل المستشار الملط بالجهاز وبدوره إلى مستويات أعلى عندما اعتاد إحالة ملفات الفساد إلى جهاز الرقابة الإدارية لتتخذ بحكم اختصاصها الدور الواجب فى محاسبة المفسدين والذين لا يرتفعون فوق مستوى الشبهات، ولكن يبقى الدور الأكبر فى تفعيل دور الجهاز المركزى للمحاسبات ورئيسه النزيه علينا نحن عموم الناس باعتبارنا أصحاب مصلحة مباشرة فى متابعة تقارير جهاز المحاسبات والاطمئنان إلى تنفيذ ما جاء بها من ملاحظات على الأداء الحكومى.

علينا إذن الانتقال من مقاعد المتفرجين الذين يصفقون للملط كلما توهمنا أنه صفع الحكومة، إلى فاعلين، من متفرجين إلى شركاء، بأن نرفع الدعاوى ضد من طالتهم تقارير جهاز المحاسبات، وأن نبادر بالبلاغات إلى النيابة العامة أفرادا وجمعيات أهلية ورابطات وتكتلات، ضد من طالتهم ملاحظات جهاز المحاسبات بالأدلة والبيانات والوثائق، حماية لمصالحنا ،وأداء لدورنا.

لا يحتاج منا المستشار الملط إلى تشجيع جماهيرى مثل تشجيعنا للمنتخب الوطنى للكرة، لكنه يحتاج منا أن نكون أمناء على أنفسنا ومصالحنا وحقوقنا، وأن ننطلق مما يلاحظه هو إلى مجال جديد من المحاسبة الشعبية والمحاسبة بواسطة النيابة العامة وسائر الأجهزة صاحبة السلطة فى تحريك الدعاوى الجنائية.


ليست هناك تعليقات: